
مقالة عائشة : عشتُ في الكويت
مقالة عائشة : عشتُ في الكويت
عشتُ في الكويت
التوجه إلى الكويت
"عائشة، البنت التي تدرس اللغة العربية؛ لأنها تحب العرب." هذه الجملة تصفني بأفضل شكل. ولكن، كيف وقعت في حب اللغة العربية؟ علينا أن نعود قليلا إلى الوراء لنروي هذه القصة.في فترة تفشي فيروس كورونا، بدأت حياتي الجامعية، وكنت أتابع المحاضرات دائما عبر شاشة الحاسوب المحمول. وفي أحد الأيام، قالت لي إحدى الأستاذات في مقابلة: "السلام عليكم"، لكنني لم أتمكن حتى من الرد عليه بشكل صحيح. تفاجأت الأستاذة، وشعرتُ بالإحراج أيضا، في ذلك اليوم، قررت أن أبدأ دراسة اللغة العربية بجدية.
لكنني أعرف نفسي أنني أفضل التعلم من خلال التجربة المباشرة بدلا من حفظ الكلمات على المكتب، لذا، من دون تردد، قررت أن أسافر إلى تونس لدراسة اللغة العربية.
كانت الأشهر الستة التي قضيتها في تونس من أسعد فترات حياتي. بصراحة، لم أكن أدرس فقط، ولكنني بدأت بتكوين صداقات مع بنات عربيات، وتعرفت على عائلة تونسية عاملتني كابنتهم، وبفضل هذه التجربة، أصبحت أحب الثقافة العربية، والعرب بشكل أعمق.
لكن، لم يكن الحب كافيا. كنت أرغب في التواصل معهم بطريقة أكثر طبيعية، من أجل هذا كان علي أن أدرس اللغة العربية باجتهاد أكبر. عدت إلى كوريا، وكرست نفسي لدراسة اللغة، ثم قضيت بعض الوقت في الأردن، ومصر، واكتسبت تجارب من دول عربية متعددة.
في أحد الأيام، اكتشفت برنامجا دراسيا يتيح لي الدراسة في الكويت، وبما أنني لم أزر أي دولة خليجية من قبل، شعرت أن هذه فرصة لا تعوّض. فقدّمت على الفور، دون أي تردد.
كنت أتخيل نفسي، وأنا أعيش في الكويت، أعيش في المدينة المتلألئة، وأتعرف على أصدقاء جدد، وأشاهد مناظر الكويت التي كنت أراها فقط في الصور. كنت أتطلع إلى كل شيء بشوق.
أخيرا، تلقيت خبر قبولي. لم أعد بحاجة إلى التخيل.
صيف الشرق الأوسط
دخلت إلى الكويت في شهر سبتمبر. سمعت أن الكويت من بين أكثر الدول حرارة في العالم من قبل، لكن في داخلي كنت أقول: "هيه، كم ستكون حارة فعلا؟"، لكنني أدركت بسرعة كم كانت هذه الفكرة ساذجة، فمنذ لحظة وصولي، واجهت الحقيقة!أنا من الأشخاص الذين يحبون المشي، ولأجل هذا قررت بمجرد وصولي إلى السكن في كيفان، أن أتمشى مع صديقاتي حول السكن، كنتُ أظن أنني مستعدة تماما لمواجهة الحر، فقد ارتديت قبعة، ووضعت واقيا شمسيا، وجهزت زجاجة ماء كبيرة.
ولكن بعد دقائق قليلة فقط، بدأت أشعر بشيء غريب في جسمي، رأسي بدأ يدور، وبدأت أشعر بالغثيان. كانت أول مرة أشعر فيها بهذا الشكل في حياتي، ولم يستغرق الأمر وقتا طويلا لأفهم أنني أصبت بضربة شمس. نعم، لقد شعرت بحر الكويت الشديد في أول يوم، بكل جسدي.
ومنذ ذلك اليوم، كلما تحدث العرب عن حرارة الطقس، أهز رأسي مباشرة، وأقول: "نعم، شعرت بها… وايد حار!"، ومع ذلك، ما زلت أحب الكويت. فما الذي جعل حياتي في الكويت مميزة؟
إذا أردت معرفة السبب، تابع القراءة في الفصل التالي!
اليوم الوطني الكويتي
خلال قرابة عام قضيته في الكويت، عشت لحظات كثيرة مليئة بالسعادة، لكن من بين كل تلك اللحظات، يبقى اليوم الوطني الكويتي من أكثرها تأثيرا في قلبي. في الحقيقة، لا نحتفل باليوم الوطني الكوري كثيرا، ولهذا تفاجأت في البداية، وقلت في نفسي: هل يعقل أن يحتفلوا باليوم الوطني الكويتي بهذا الشكل الكبير؟قبل اليوم الوطني الكويتي، تحوّلت لون مباني الكويت إلى ألوان العلم، وفي كل زاوية من الشوارع، كانت الألوان الخضراء، والبيضاء، والحمراء، والسوداء تملأ المكان، وكان المنظر جميلًا، لذلك التقطت الكثير من الصور، وقلت في نفسي: أنا، الكورية، أعجبت كثيرا بهذا المنظر، فكيف هو شعور الكويتيين بالفخر تجاهه؟
ثم جاء اليوم الوطني الكويتي المنتظر! ارتديت تنورة مزينة بعلم الكويت، وخرجت مع صديقتي الكويتية إلى الشارع. كانت الشوارع مزدحمة بالناس، والسيارات. وكان الناس يطلقون أبواق السيارات، ويشغلون الأغاني الوطنية احتفالا باليوم الوطني الكويتي. ولم أستطع إلا أن أندمج في الأجواء!
من أكثر الأغاني التي بقيت عالقة في ذهني كانت أغنية "K-U-W-A-I-T". قالت لي صديقتي إن هذه الأغنية للأطفال، لكنني وجدت لحنها بسيطًا، وسهلًا للحفظ، فغنيتها طوال اليوم.
بالنسبة لي الكويت بلد كالهدية. طوال عامٍ كامل، شعرت بالدفء من العرب، وحظيت بمساعدة، ومحبة منهم. حتى أنني فكرت في أن أنشئ أسرتي المستقبلية هناك! أليس ذلك دليلًا كافيا على مدى حبي للكويت؟
الكويت منحتني ذكريات سعيدة، وتجارب لا تنسى، وكنت سعيدة؛ لأنني استطعت أن أحتفل باليوم الوطني الكويتي في الكويت.
أسباب حُبي للحياة في الكويت
الكويت بلد مليء بالأماكن الجميلة، والمأكولات اللذيذة. أماكن مثل مُروج، وحديقة الشهيد، ومول الأفنيوز، ومول 360 كلها جميلة، وكان كل الطعام لذيذًا. لأجل هذا أُطلق على الكويت اسم "بلد الذواقة". لكن، إذا كانت هذه الأشياء فقط هي السبب، الكويت لم تكن الدولة التي أحبها أكثر من غيرها في حياتي.السبب الأكبر وراء حُبّي للكويت هو الناس. من خلال لقائي بالعديد من الأصدقاء الأعزاء، استطعت أن أعيش الحياة في الكويت بعمق أكبر.
اكتشفنا أماكن جديدة، وذهبنا الى كل مناسبة مميزة معًا، أصدقائي كانوا يوصونني بأماكن رائعة، ويأخذونني لتناول الطعام اللذيذ كلما حدث شيء يسعدني. تشاركنا الهموم، واليوميات، وقللوا من شعوري بالوحدة، ودعوني إلى بيوتهم ليُعرفوني على الثقافة الكويتية، وذهبوا معي إلى الصحراء.
بفضل هؤلاء الأصدقاء الذين منحوني ذكريات ثمينة بطرقهم المختلفة، استطعت أن أستمتع بالحياة في الكويت بشكل أعمق وأغنى.
الآن، رغم كوني بعيدة عن الكويت، فلو حصلت على إجازة طويلة، ومالٍ كافٍ، فسأسافر إلى الكويت بلا تردد. سأقابل أصدقائي، وسأحرص.
أشتاق كثيرا إلى مناظر المدينة في الكويت، ودفء الناس هناك، والأوقات الهادئة التي قضيتها مع أصدقائي، وأشتاق كثيرا إلى اللقيمات…
أخيرًا
لو أردت أن أكتب كل ما عشته في الكويت، يجب أن أكتب عشرة كتب. لأجل هذا، اخترت بعض ذكريات فقط، وكتبت عن الكويت، أول دولة خليجية أزورها في حياتي. في المستقبل، أود أن أزور دولًا خليجية أخرى أيضا، ومجرد تخيّلي لرحلة قادمة، يمنحني الحماس تمامًا كما شعرت عندما زرت الكويت لأول مرة.
أنا متحمسة لمغامراتي القادمة.
شكرا لقراءتكم قصتي.
عن المؤلفة
عائشة
درجة البكالوريوس في اللغة العربية: جامعة دانكوك دراسة اللغة العربية في معهد بورقيبة في تونس دراسة اللغة العربية في الجامعة الأردنية حصلت على منحة دراسية ودرست اللغة العربية في جامعة الكويت
"مرحبًا! أنا ييون لي (عائشة)، أحببت العرب، ومن هذا الحب بدأت في تعلّم اللغة العربية. أعمل حاليا في مساعدة الضيوف العرب الذين يزورون كوريا لأغراض طبية، وهذا العمل يمنحني شعورا بالسعادة والرضا. خلال زياراتي لعدد من الدول العربية، تلقيت الكثير من الدعم والمشاعر الطيبة، ودائما ما كنت أطمح لأن أردّ هذا الجميل هنا في كوريا لمن يأتون من العالم العربي. أما الكويت، فهي الدولة التي قضيت فيها أطول فترة، وأصبحت بالنسبة لي وطني الثاني. في هذا المقال، لا أشارككم مجرد تجربة سياحية، بل تجربة حياة حقيقية عشتها هناك. شكرا جزيلا."