مقالة مها : ضيافة ضيوفنا ببلادهم

مقالة مها : ضيافة ضيوفنا ببلادهم

مقالة مها : ضيافة ضيوفنا ببلادهم

ضيافة ضيوفنا ببلادهم


مقدمة

    من عام 2022 إلى الآن في 2025، صار لي ثلاث سنوات أشتغل مع يلا كوريا. وخلال هالفترة، قابلت كثير ضيوف عرب جونا لكوريا، سواء للعلاج، أو للسياحة، كمديرة القسم الطبي كنا دايم نحاول نكون بالنسبة لهم زي الأهل، نرعاهم من أول لحظة يوصلون فيها لكوريا، لين يرجعون، ويمكن حتى بعد رجوعهم! في يلا كوريا، عندنا عادة جميلة نحب نتمسك فيها، مرّة في السنة على الأقل، نسافر في رحلة عمل خارجية! عادةً نختار توقيت معارض السياحة اللي تصير في دول الخليج، ونروح لمدة أسبوع إلى أسبوعين. المعرض نفسه ما ياخذ أكثر من ثلاث إلى خمس أيام، طيب وباقي الوقت؟ نخصصه لشيء أحلى بكثير، نلعب فيه، وننبسط! مع من؟ مع ضيوفنا! نفس الناس اللي رعيناهم يوم كانوا في كوريا، نرجع نقابلهم في دولهم، بس هالمرة إحنا نكون السُيّاح، ونقضي وقت جميل معهم، نزور أماكن حلوة، وناكل أكل عربي لذيذ، ونعيش ثقافتهم عن قرب، وهذي القصص اللي بأشارككم فيها هي ذكرياتنا الجميلة مع أصدقاء أعزاء، خصصوا لنا من وقتهم يوم زرناهم في دولهم، وكانوا جزء كبير من رحلتنا.



السعودية – أول رحلة عمل سويًا مع كامل الفريق

    وهذي القصص اللي بأشارككم فيها... هي ذكرياتنا الجميلة مع أصدقاء أعزاء، خصصوا لنا من وقتهم يوم زرناهم في بلدانهم، وكانوا جزء كبير من رحلتنا.

    أول رحلة عمل لي كانت إلى السعودية. في فبراير 2023، أغلب أعضاء المكتب كانوا رايحين رحلة عمل، فقررنا نقفل المكتب بالكامل خلال هالفترة، ونسافر كلنا سوا. وقتها، أنا كنت لسى جديدة، وما كان عندي فكرة وش يعني “رحلة عمل”، فكنت متحمسة بشكل ما ينوصف. بس كنت أحس بالاطمئنان؛ لأن معاي خالد، ومديحة، وحبيب، وكلهم خبرة، ومعي كمان لبيب، اللي بدأ معي العمل في نفس الوقت، ووجودهم كلهم خلاني أحس براحة أكثر كوني مو لحالي، فقلت في نفسي: “ما يحتاج أقلق، راح أمشي وراهم، وكل شيء بيكون تمام.”


تجربتنا مع الكبسة مع صديقنا السعودي يوسف

    وش أهم شيء في السفر؟ أنا بالنسبة لي، الجواب واضح: الأكل. أحيانًا لما نسافر نلقى الأكل ما يناسبنا، يا بهاراته قوية، أو نكهته غريبة، بس أنا، الحمد لله، أكلت الأكل العربي كأني متعودة عليه من زمان، وخصوصًا في السعودية، كل وجبة كانت لذيذة، لكن الكبسة لها قصة خاصة جدًا. كنا مع صديقنا العزيز يوسف، وعلّمنا كيف ناكل الكبسة "بالطريقة الصح"! قال لنا: "خذ الرز باليد اليمين، جمّعها بأطراف أصابعك، وحطّها على أطراف أصابعك، وبعدين قرّب يدك للفم، وادفع اللقمة بالإبهام". حنا وقتها كنا متحمسين نخوض التجربة، وسألناه أكثر من مرة نعيد الطريقة، وضحكنا كثير، بس كنا جادين ونبي نجربها صح. وللحين، كل ما نذكر الأكل العربي، نتذكر لبيب، وكيف كان ياكل الكبسة بحماس، ونمزح ونقول: شكله كان مثل الحفار(البوكلين)!


البوليفارد وورلد مع أختنا ندى

    تعرفت على أختنا ندى من خلال برنامج الرحلات الجماعية النسائية مع يلا كوريا، ولما ندى سمعت إننا جايين للسعودية، على طول عزمتنا بالبوليفارد وورلد. صراحة، قبل ما نزورها، ما كان عندي فكرة كثيرة عن المكان هذا. كنت متوقعة إنها مثل الملاهي بكوريا، بس لما وصلنا، اكتشفت إنها شيء ثاني تمامًا. كل منطقة في البوليفارد تمثل دولة، أو ثقافة مختلفة، وكأنك تتجول في العالم!، وكانت من أول الأماكن السياحية اللي زرناها في السعودية، ومن أول لحظة دخلت، قلت: واو! المكان مرررة كبير!، الإحساس كان فخم، ومهيب، ومختلف عن أي مكان سياحي قد زرته في كوريا، أو بلد ثاني. فعلاً، حسيت إن كل شيء هناك مبني بحجم ضخم، وتجربة مميزة تستاهل الزيارة.


الدرعية مع أختنا لمى – وضيافة من القلب : "الدرعية واحد"


    في ذاك الوقت، قليل جدًا من الكوريين قد زاروا الدرعية، وكانت لسى التأشيرة السياحية للكوريين توها جديدة، وإجراء الدخول للدرعية ما كان سهل للأجانب. المكان كبير جدًا، ولفّينا بالسيارة ندور على البوابة، ونحاول نقرر وين نوقف!

    أول ما دخلنا، كلنا قلنا بصوت واحد: "واو!"، الإضاءة الهادية كانت تعطي للموقع الأثري جمال خاص، وحتى الكافيهات، والمطاعم هناك كانت تضيف جو مميز. أخذنا صورة كلنا نضحك فيها، ونرفع أصبع السبابة، الحركة اللي علمتنا هي أختنا لمى، وسَمّيناها "الدرعية واحد"، ومن كثر ما حبيناها، للحين كل مرة نصور نقول: "يلا كوريا واحد!"، ونرفع أصابعنا (حبيب خاصة هو أكثر واحد يحب الحركة هذي!)، ولو فتحت حساب يلا كوريا في الإنستغرام، بتشوف كثير صور لنا بهالحركة!

    وبعدها، لمى أختنا لما دعتنا لبيتها، كانت لحظة خاصة جدًا بالنسبة لي، أول مرة في حياتي أدخل بيت سعودي، وكان يوم جمعة على ما أذكر. كل أهلها تجمعوا في بيت كبير العائلة جنب بيتها، وتغدينا سوا، وسلمنا على الجميع، وغنينا، وضحكنا كثير. الحفاوة كانت فوق ما نتخيل. أنا (مها)، ومديحة لبسنا لبس تقليدي نصحتنا فيه أختنا لمى، وتصوّرنا فيه. جميلة التجربة، صح؟ شكرًا من القلب على الضيافة!



أهلًا بكم في مهرجان يلا كوريا للكتاب

    في رحلات العمل الثانية اللي قبلها، كنا نروح فقط مجموعة صغيرة، من شخص إلى ثلاث أشخاص، عشان كذا ما قدرنا نسوي فعاليات كبيرة، بس لأن كل الفريق كان معنا في رحلة السعودية، قررنا نسوي شيء خاص : فعالية ثقافية غير ربحية نشارك فيها قصصنا مع ضيوفنا، مثل هذا الكتاب اللي بين أيديكم، كنا نحب نكتب فيه تجاربنا، ونقدمه كهدية للضيوف. نؤمن إن هالطريقة تعزز العلاقة بينا، وتخليها أقوى من مجرد توفير خدمة سياحية، أو طبية. في الرياض، نظمنا فعالية اسمها "مهرجان يلا كوريا للكتاب"، وكانت مفتوحة للجميع سواء قد استخدم خدماتنا، أو لا. وقتها، قلت لخالد: "وش لو ما جا أحد؟ أنا متوترة!"، ورد عليّ وقال: "حتى لو ما جاء كثير، نجلس، نشرب شاي، ونسولف، وننبسط، هذا يكفي!" هالكلام طمنّي، وخلال التحضيرات، حسّيت إن المعنى الحقيقي يكون في المحاولة بحد ذاتها.

    والحمد لله، حضر عدد أكبر مما توقعنا. الكافيه اللي استأجرناه كان مزدحم، حتى الجلسة الخارجية كان فيها ناس، ولأول مرة، كنا إحنا المنظمين من البداية للنهاية: من اختيار المكان، إلى الترويج، إلى التحضير. كانت تجربة حلوة، وتعلمت منها شيء كبير: "إذا حاولت بصدق، تقدر تسويها"، وأجمل ما فيها الضيوف هم اللي استقبلونا بحرارة، وقالوا لنا: "أهلًا بكم في السعودية!" وشكرناهم واحد واحد من القلب.


جولتنا في الطائف مع الأستاذ عامر – جبل الهدا، السوق الشعبي، مزرعة الورد، ومزرعة الخيول


    لو الرياض كانت مليانة أماكن حديثة وعصرية، فالطائف كانت مختلفة تمامًا. فيها طبيعة جميلة وراحة نفسية. الجبال كانت خلابة، وأغلب وقتنا قضيناه في مزارع متنوعة. اللي كان يرافقنا هو عامر، الصحفي السعودي، وقام بدور المرشد السياحي بكل احتراف. (شكرا على الوقت الغالي)

    طول الرحلة كنا نقول: "والله لو كنا لحالنا، مستحيل نعرف عن هالأماكن!"، "ما كنا نتصور إن الطائف فيها كل هذا الجمال!". بجد، كانت رحلة ممتعة، ومليانة لحظات جميلة.


الميداليات اللي لقيناها في السوق الشعبي

    رحنا لسوق شعبي في الطائف، كنا ندور على أغراض رسم حناء؛ لأننا بعد ما نرجع كوريا ودنا نسويها، والأستاذ عامر اشترى لنا سَنبوسة، وكان غدانا لذيذ. بس أحلى شيء صار هناك؟ لقينا ركن صغير في السوق، فيه اللي ينحت أسماء الناس على دوائر خشبية صغيرة.

    إحنا ككوريين نتكلم عربي، أول ما شفنا المنتجات بالعربي، عيونا لمعت!، ركضنا ندور على أسمائنا، وكل واحد يدور على اسمه بين الدوائر، لقينا بعض الأسماء، بس اسم "مها" ما كان موجود، وحزنت شوي، وقلت: "ما في؟ يعني ما أقدر أخذها؟" بس قال لنا: "ولا يهمكم! أسويها لكم الحين!"، وقام ينقش أسماءنا مباشرة قدامنا. صرنا نضحك، ونتكلم بصوت عالي قدام هالمكان خلال انتظارنا، وجذبنا أنظار الناس في السوق.

    حتى بعضهم جوا يتفرجون ويشترون، وإحنا صرنا نساعده في البيع! قلنا للناس: "الكبيرة بعشرة ريال، والصغيرة بخمسة!"، هو ضحك علينا كثير، وفرح إننا شاركناه الزحمة، وإحنا اشترينا كثير، وانبسطنا أكثر. لو في أحد من الطائف يقرأ هذا الكلام، سلّموا لنا عليه، وقلوله: "الكوريين اللي سووا دوشة في السوق، يسلمون عليك!"


"فعاليات يلا كوريا" بالمدرسة الكورية بجدة – يوم ممتع ومليان ضيوف!


    في رحلتنا للسعودية، كنا خمسة أشخاص من فريق يلا كوريا : أنا (مها)،وخالد، ومديحة، وحبيب، ولبيب. عددنا الكبير خلانا نقدر نحضر، ونجهز فعاليات متنوعة بكل حماس. تواصلنا مع المدرسة الكورية بجدة، واستأجرنا منهم القاعة، وسوّينا فيها فعاليات كثيرة، وممتعة: لعبنا لعبة "جيجي شاجي" الكورية، وخلّينا ضيوفنا يجرّبون الزي التقليدي الكوري "الهانبوك"، سوّينا عروض الأغنية الكورية، وسوينا نشاط فني جميل باستخدام عرق اللؤلؤة الكوري، وكتبنا أسماء الضيوف باللغة الكورية، والمفاجأة حضر أكثر من مية ضيف! وقضينا سوا وقت ممتع، ومليان تفاعل، وابتسامات.



أول رحلة عمل لقطر – كنت لحالي وكنت متوترة بصراحة

     رحلتي للسعودية كانت بعد أقل من سنة من بدايتي في يلا كوريا، وأغلب الضيوف اللي قابلتهم هناك، كانوا يعرفون خالد، ومديحة، وحبيب من قبل. يعني كنت معهم كجزء من الفريق، بس لسى ما بعد كونت علاقات شخصية مع الضيوف السابقين. أما هالمرّة، كانت أول رحلة لي لوحدي، وكنت متوترة شوي، بس اللي خلاني أتشجع أكثر، إني خلال هالفترة تعرفت على عدد كبير من الضيوف من قطر، فقررت أخصص الرحلة عشان التقي فيها بالناس اللي أنا شخصيًا تعاملت معهم. صعب أرتّب رحلاتي حسب الذكرى، أو الأفضلية، لكن هالرحلة بالذات، أقدر أقول إنها من أغلى، وأثرى التجارب اللي عشتها في حياتي. مو بس شفت الناس اللي أحبهم، حسّيت إني كبرت مهنيًا، وشخصيًا من هالرحلة.


أمينة... شكراً من القلب على الاستقبال! – سيتي سنتر، الحزم، والدعوة للبيت


     من مطار إنتشون في كوريا، ركبت الخطوط القطرية، ووصلت لمطار حمد الدولي في الدوحة تقريباً وقت شروق الشمس. كنت جدا متحمسة، وأول ما قلت لأمينة إني جاية قطر، على طول قالت: "أنا بستقبلك بنفسي!"، مع إن الوقت كان بدري جدا، استقبلتني، وهي شايلة ورد، وابتسامتها كأنها تقول: "نورتي قطر!". أنا من الفرحة ركضت لها، وحضنّا بعض من قلب. حسيت إني مره محظوظة…

     العلاقة اللي بديناها في كوريا، اكتملت بهالشكل الجميل في بلدها، هذا شيء ما أنساه طول عمري، ومن الأماكن اللي رحناها مع بعض، وكانت مميزة جدًا مول الحزم. قطر فيها كثير أماكن حلوة، بس هذا المكان حسّيته مختلف.

     مطاعم، وكافيهات، ومحلات عطور، وحلويات، بس أكثر شيء صدمني؟ إن التكييف كان مثبت في الأرضية!، وإحنا نمشي بره، فجأة حسّيت بهوا بارد من تحت رجولي!، قلت في نفسي : وش هذا؟ تكييف في الهواء الطلق؟!، صورت فيديو، وأرسلته لأهلي في قروب العائلة، كلهم انبهروا.


صالحة... أختي اللي ما أنساها – سوق واقف، حي كتارا، المتحف الوطني، الميناء، اللؤلؤة، البندوم مول، والرحلة البحرية


       لما أفكر في قطر، من أول الأسامي اللي تجي ببالي هي صالحة. تعرفت عليها في كوريا، ويومها رحنا مع بعض لقصر تشانغ دوك؛ واحد من أشهر خمس قصور في سيول. مع إن وقت لقائنا بسيؤول كان قصير، لكنها تركت أثر كبير في قلبي، علشان كذا، أول ما تأكدت سفرتي لقطر، كانت من أول الناس اللي تواصلت معاهم. استقبلتني بحرارة، وقالت لي: "لازم تزورين هالأماكن!"، وعطتني قائمة مرتبة بالوجهات المهمة.

       وأنا أجهز لرحلتي، رجعت للقائمة حبة حبة، ودورت عليها، وقررت أي مكان لازم أزوره أول. وبفضلها، استمتعت بتجارب ما كنت بحصل عليها لوحدي.

       زرنا سوا مطاعم مشهورة، وكانت تحكي لي ليش هالمطعم مميز، ووش قصته، وإذا زرنا موقع سياحي، كانت تشرح لي خلفيته، وتاريخه، وهالشي ساعدني أفهم، وأحب الثقافة القطرية أكثر. قبل ما أزور قطر، خالد دايم يقول: "إذا رحت قطر، لازم تشربين كرك، وتاكلين جباتي!". وكنت أستغرب، ليش دايم يكررها؟ بس لما رحت حي كتارا الثقافي، وشفت طابور السيارات عند محل كرك، وجباتي، فهمت. هذا مو بس أكل، هذي عادة، وثقافة، وروتين يومي جميل. جربت هناك أكلة اسمها البلاليط، وبعدها كل ما قلت لأحد قطري: "أنا أكلت البلاليط بقطر!" يسألوني بحماس: "وين؟ وكيف؟ وعجبك؟". قلت لصالحة: "وايد عجبني جدا جدا، ودي أطبخه في بيتي!"، فراحت جابت لي شعرية، وعلّمتني الطريقة. صحيح، ما أقدر أكتب كل القصص الجميلة في هالكتاب، بس صالحة تظل من أكثر الناس اللي أكنّ لهم محبة، وشكر كبير.




مزرعة عائلة الكواري


       تعرفت على هيا، وعائلة الكواري لما جونا في كوريا للسياحة، وكانت لي الفرصة أكون مرشدتهم السياحية. كانت رحلة في فصل الشتاء، وزرنا كثير أماكن في سيول، حتى لعبنا في الثلج سوا، وشاركنا لحظات حلوة كثير. أذكر أبوها، علي، كان دايم يقول لي: "إذا جيتي قطر، لازم تزورينا في البيت"، وقتها ما كنت أدري متى ممكن أزور قطر، بس قلت له بكل حماس: "أكيد! أكيد!"، وما مرت فترة طويلة إلا وجتني الفرصة! شاركنا في معرض السياحة في قطر، وأول كم يوم كنت مشغولة بالمعرض، بس بعد ما خلصت من المعرض، وصار فيه وقت أقابل أصدقائنا هناك، أول شي سويته بعد ما تأكدت من جدولي، أرسلت لهيا، وأختها عايشة. كنا متابعين بعض على السوشال ميديا. أنا سكنت وقتها في فندق اسمه “الوادي” بين مشيرب، وسوق واقف. وهيا، الله يسعدها، جهزت لي سيارة، ووصلتني للمزرعة. بعد حوالي نص ساعة بالسيارة، دخلنا من بوابة مزرعتهم، وكمّلنا شوي داخل المزرعة، المزرعة كانت كبيرة! كنت مرة متحمسة أشوف مزرعة في قطر وكيف راح يكون شكلها، ولقيت فيها خُضار، وجِمَال، وخرفان، وحتى ماعز!، ولما نزلت من السيارة، استقبلوني بوجيه مبتسمة، وشفت وجوه غالية عليّ ما شفتها من زمان. رحّبوا فيني بكل حب، وقضينا وقت عائلي دافي، وركبت مع أولادهم سيارة قولف صغيرة، وحتى جربت أقطف خيار لأول مرة في حياتي!، بس أكثر شي ما أنساه إني شفت جَمَل عن قرب ولأول مرة بحياتي، وكنت واقفة قدامه مباشرة، والتجربة كانت بكل ما تعنيه الكلمة، لا تُنسى.


الريم الكبيسي – بيت التلة

      ريم صديقتي من قطر، تعرفت عليها بعد ما بدأت أشتغل في يلا كوريا بوقت قصير. أول مرة زارت كوريا، كانت مع عائلتها، وسافروا لسيول، وجزيرة جيجو، ومن وقتها، صارت قريبة من كل أعضاء فريق يلا كوريا. لما زرت قطر، الريم عزمتني على مطعم مطلّ على البحر، وقالت لي: "لازم نروح مكان مميز!"، وودتني على مطعم اسمه "بيت التلة"، وكان يطل على شاطئ اللؤلؤة، منظر لا يوصف، هدوء، وجمال. جلسنا هناك، ومعانا كانت بنت خالتها فاطمة، كان هذا بعد ما وصلت قطر بستة أيام، ومع كذا، خصصت لي وقت من قلبها، عشان نجتمع، ونقضي وقت مع بعض. خلال الجلسة، لاحظت شيء في ثقافة قطر، شيء جميل، وعميق، وهو الترابط العائلي. مو بس الريم، حتى عملائي السابقين من العرب، دوم يقولون لي إنهم كل أسبوع يجتمعون كعائلة، يسكنون قريب من بعض، ويقضون وقت كثير مع أهلهم. هالشي ألهمني شخصيًا، قبل كنت ما أنتبه لهالنقطة، بس بعد ما تعاملت مع أهل الخليج، صرت أحرص أكثر على قضاء وقتي مع عائلتي، وأشوف قدّ إيش هذا الشي مهم، ومليان دفء. بهاليوم، جلسنا نحكي عن أشياء كثيرة، ومنها خطط الإجازة القادمة. قلت لها: أنا فرحانة إني شفتك أول مرة في بلدي كوريا، وثاني مرة في بلدك قطر، ما في أحلى من كذا!" الصراحة، الريم، وعائلتها ما يعرفوني أنا بس، هم أصدقاء مقربين لكل فريق يلا كوريا، خاصة مديرنا خالد، حتى إن الريم شاركت بعدين مع أمها في الرحلات الجماعية النسائية كوريا-اليابان، وجت زارتنا مرة ثانية في كوريا.


صدِيقة، وبدرية، ووجبة لا تُنسى

    صدِيقة، وأختها بدرية زاروا كوريا بفصل الربيع، وكانوا أول ضيوف يجونا بعد رمضان مباشرة، خلال رمضان بالكاد نلتقي بعرب في كوريا، فما تكلمنا بالعربي تقريبًا طول الشهر. عشان كذا، يوم التقيت فيهم لأول مرة، كنت متوترة شوي، وقتها، قلت لمديحة: "أنا متوترة… يمكن نسيت العربي!، وش بسوي لو ما قدرت أتكلم؟". ضحكت مديحة، وقالت لي: "لا تخافي، أول ما تشوفينهم، كل الكلام بيطلع من نفسه!، وين بيروح كل اللي تعلمناه قبل رمضان؟"، وفعلاً، أول ما شفتهم، كل التوتر راح، وقدرت أرحب فيهم بكل حب، واحترام. خلال زيارتهم لكوريا، التقينا أكثر من مرة. وبعد ما رجعوا إلى قطر، ما مر وقت طويل إلا وعرفت إن عندي زيارة قريبة لقطر!، وقتها، تواصلت معاهم على طول، وقلت لهم: إذا يسمح وقتكم بهالفترة، يمكن نلتقي، ونتعشى مع بعض؟، وحددنا موعد للعشاء، ورحنا لمطعم رائع فيه حديقة فخمة بوسطه، وكانت جلسة لا تُنسى.


    دوم لما نودّع ضيوفنا في نهاية رحلتهم بكوريا، نقول لهم: "إن شاء الله نشوفكم المرة الجاية، في كوريا، أو في بلدكم!"، ممكن هالجملة تنفهم كأنها مجرد مجاملة بين الشركة، والعميل، لكن بالنسبة لنا، مو بس الكلام، إحنا فعلًا نقصدها من القلب، ولو صار، ورحنا بلادهم، نحاول على قد ما نقدر نلتقي فيهم، ونشوفهم مرّة ثانية. إحنا نؤمن إن هاللقاءات هي اللي تبني علاقتنا، وتخليها أقوى. والحمد لله، ضيوفنا دايمًا يفتحون لنا قلوبهم، وبيوتهم.

    بعضهم حتى استقبلونا في بلدهم بطريقة أكرم من اللي احنا قدمناها لهم في كوريا، وهذا الشي دوم يخليني أقول لنفسي: لازم أكون أفضل في استقبال ضيوفنا في كوريا، ولازم أرد لهم نفس كرمهم… يمكن أكثر بعد."، وهكذا تستمر الدائرة الجميلة من المحبة، والاحترام.






عن المؤلفة


مها

درجة البكالوريوس في دراسات الشرق الأوسط من جامعة دانكوك درست اللغة العربية في جامعة القاهرة، مصر (سابقًا) مديرة الفريق العربي في العيادة D للتجميل في منطقة غانغنام (حاليًا) مديرة الفريق الطبي في شركة يلا كوريا حصلت على رخصة الإرشاد السياحي باللغة العربية (2023)

"يسعدني اللقاء بكم. أنا 서하늘 Seo Ha-Neul (مها)، وجدتُ راحةً وسلامًا في قلبي من خلال لقائي بأشخاص عرب. درستُ اللغة العربية في جامعة دانكوك، وأشتغل الآن في شركة “يلا كوريا” التي تقدم خدمات طبية للزوار العرب القادمين إلى كوريا. في هذا الكتاب، أشارككم قصص أصدقائي الأعزاء الذين التقيتُ بهم خلال زياراتي إلى الدول العربية. وكما صنعتُ ذكريات جميلة في بلدانكم، أتمنى أن تصنعوا أنتم أيضًا ذكريات مليئة بالفرح والتجديد خلال زيارتكم إلى كوريا."

 

Leave a comment

* Required fields