مقالة وفاء : تجربتي في دراسة اللغة العربية في ثلاث دول

مقالة وفاء : تجربتي في دراسة اللغة العربية في ثلاث دول

مقالة وفاء : تجربتي في دراسة اللغة العربية في ثلاث دول

 اللغة العربية والناس الذين التقيتُهم في ثلاث دول


    في سنواتي الجامعية، قررت أن أطور لغتي العربية من خلال تجربة تعلم حقيقية، فسافرت للدراسة في ثلاث دول عربية، وهي عُمان، ومصر، والأردن. من خلال هذا المقال، أود أن أشارككم ما مررت به من تجارب، وما تعلمته من هذه الرحلة.


السكن، والضيافة في عُمان

    كانت عُمان أول محطة في رحلتي لدراسة اللغة العربية. انطباعي الأول عنها كان هدوءها وطمأنينتها، وهو ما جعلها من أكثر الأماكن سلامًا في ذاكرتي. نظرًا لاعتمادي سابقًا على الكتب فقط، كانت مهارات المحادثة لدي محدودة في البداية، مما جعل التكيف صعبًا في أول الأمر، لكن مع الوقت، بدأت أندمج أكثر مع الحياة اليومية.

    ما أثّر فيّ بشدة هو كرم الناس، وحفاوتهم. كان من الشائع أن يتم الترحيب بي، ودعوتي لتناول القهوة، أو الطعام حتى من أشخاص تعرفت عليهم لتوي. في مجتمعاتنا، هذا النوع من التواصل قد يكون نادرًا، لذا شعرت بالدهشة أولًا، ثم بالامتنان. من خلال هذه اللقاءات، تحسّنت لغتي كثيرًا، واكتسبت ثقة أكبر في التواصل.





الحياة النابضة في مصر

    المحطة الثانية كانت مصر، والتي كانت مختلفة تمامًا عن عُمان من حيث الإيقاع، والنشاط. مصر مليئة بالحيوية، والحركة بشوارعها المزدحمة، وأصواتها المتنوعة. 

    واجهت بعض الصعوبة في البداية لفهم اللهجة المحلية (العامية)، لكنها سرعان ما تحولت إلى تحدٍ ممتع. كنت أقول لنفسي: كم أنا محظوظة أنني أعيش هذه التجربة!، وشعرت أن اختياري لتعلم اللغة العربية لم يكن قرارًا أكاديميًا فحسب، بل نافذة على حياة غنية، وثقافات متنوعة. ومن أبرز اللحظات التي لا أنساها في مصر كانت تجربة شهر رمضان، فقبل موعد الإفطار، كانت الشوارع تهدأ فجأة بطريقة ملفتة. أتذكر أنني في اليوم الأول لم أستطع العثور على سيارة أجرة، وشعرت ببعض التوتر، لكنها كانت تجربة مميزة أضافت الكثير إلى فهمي للثقافة والعادات المحلية.



شتاء الأردن، ودفء العلاقات

    المحطة الثالثة كانت الأردن، التي فاجأتني ببرودتها في فصل الشتاء، بل وتساقط الثلج أحيانًا. نصيحة صديقة لي بجلب بطانية كهربائية كانت من أفضل ما تلقيته قبل السفر.

    عشت في سكن الطالبات بجامعة البترا، وكانت الأجواء ودية منذ اليوم الأول. كوّنت صداقات مع طالبات من خلفيات مختلفة، وتشاركنا أوقاتًا جميلة. تذوقت هناك حلوى "الكُنافة" لأول مرة، وأحببتها كثيرًا حتى أصبحت جزءًا من روتيني اليومي خلال فترة الإقامة. في أحد الأيام، رغبت في تجربة طلب الطعام عبر الهاتف، لكنها لم تكن تجربة سهلة، فالتحدث عبر الهاتف بلغة غير لغتي الأم، دون دعم من تعابير الوجه، أو الإشارات، جعل الأمر صعبًا، ولم يتمكن المتحدث على الطرف الآخر من فهمي جيدًا، فشعرت بالإحباط، لكن المفاجأة كانت في دعم زميلاتي، فأحداهن جاءت إلى غرفتي في المساء، واقترحت أن نحاول مجددًا معًا. أرشدتني خطوة بخطوة، وبفضل تشجيعها، نجحت في المرة الثانية. كانت لفتة بسيطة، لكنها تركت في نفسي أثرًا كبيرًا، وأظهرت لي معنى الصداقة، والدعم الحقيقي.





ما بعد الرحلة

    لم تكن هذه الرحلة مجرد دراسة للغة، بل كانت تجربة حياتية كاملة، تعلمت من خلالها كيف أكون مرنة، ومنفتحة، وقادرة على التواصل مع الآخرين مهما اختلفت الخلفيات، والثقافات.

    اليوم، أعمل كمرشدة سياحية في كوريا، وأحرص دائمًا على نقل ما تعلمته من هذه التجارب إلى عملي. ما زالت تلك اللحظات تلهمني لأكون جسرًا للتفاهم، والتقارب بين الناس.




عن المؤلفة


وفاء

درجة البكالوريوس في اللغة العربية: جامعة دانكوك حصلت على منحة دراسية ودرست اللغة العربية في جامعة بترا حصلت على منحة دراسية من الحكومة العُمانية – كلية السلطان قابوس درست اللغة العربية في مصر حصلت على رخصة المرشد السياحي في كوريا في عام 2024 

"مرحبًا، أنا وفاء من يلا كوريا. درستُ اللغة العربية وسافرتُ إلى العديد من الدول العربية، حيث تعرّفتُ عن قرب على ثقافاتها وشعوبها. كانت تلك اللحظات تجارب ثمينة غيّرت حياتي وشكّلت شخصيتي. والآن، أعمل كمرشدة سياحية في كوريا للزوّار العرب، مستندةً إلى كل ما تعلمته واختبرته. أسعى بكل قلبي أن أجعل كوريا أقرب وأدفأ لكم، وأن أرافقكم في كل خطوة بمحبة واهتمام. أتمنى أن تكون رحلتكم إلى كوريا ذكرى جميلة تبقى في قلوبكم طويلًا."


Leave a comment

* Required fields